الاختيار والتأليف في سياق التّشبيه النّبويّ دراسة في الصحيحين

Abstract

الاختيار والتأليف في سياق التشبيه النبوي (دراسة في الصحيحين) الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: تناول هذا البحث الاختيار والتأليف في سياق التشبيه النبوي، فاتجه نحو البحث في كيفية استعمال النبي  للغة من خلال هذا السياق، فأوّل الباحث هذا الاستعمال النبوي، ولكنه ليس تأويلا مطلقا، بل تأويل مقيد بنسق اللغة وسياقها؛ وذلك لبلوغ المعنى منطوقا ومفهوما، لبيان سبب الاختيار في مختلف مستويات اللغة: معجماً وتركيباً وصورةً. هذا وقد تجاوز البحث ظاهرة التشبيه وتفريعاتها عند البلاغيين، وركّز النّظر في الأسباب الدّاعية إلى الاختيار النبوي في هذا السياق، مراعيا المقاصد النبوية وعلاقتها بمطابقة الكلام لمقتضى الحال. واقتضت طبيعة هذه الدراسة أن تتكون من مقدمة وتمهيد وثلاثة فصول ثم الخاتمة، تحدث الباحث في المقدمة عن أهمية الموضوع، وذكر أسباب اختياره، وبيان أهداف الدراسة وفرضيتها، ومشكلتها وذلك ببيان السؤال الرئيس الذي قامت عليه هذه الدراسة، كما بيّن الباحث في المقدمة المنهج الذي سار عليه في تحليل أحاديث الدراسة، كما أشار إلى أهم دراستين من الدراسات السابقة. وفي التمهيد، عرض الباحث لقيمة الاختيار والتأليف بين البلاغة العربية والفكر النّقدي الحديث، فبدأ ببيان مفهوم الاختيار والتأليف في معاجم اللّغة، ثم بيّن خصوصيته في الدرس البلاغي والأسلوبي، ثم عرض الباحث لقيمة الاختيار والتأليف في الدراسات القديمة ومدى إسهامات العلماء في هذا الحقل المعرفي مراعيا بذلك التدرج الزمني، كما عرض الباحث لقيمة الاختيار والتأليف في الدراسات النقدية الحديثة، مع بيان الحدود والقيود التي رسمتها النظريات الحديثة والمقاربات الأسلوبية، من خلال مفاهيم وقوانين لعلماء تلك الدراسات النقدية الحديثة. وفي الفصل الأول، ارتكزت الدراسة على فكرة الاختيار من الكلمة إلى عنصر التشبيه، فجاء هذا الفصل في مبحثين، فالمبحث الأول أجرى الباحث دراسته للكلمة النبوية من خلال ثلاثة مستويات: المستوى الأول: دلالة المقتضى، المستوى الثاني: دلالة الاقتضاء، المستوى الثالث: دلالة السياق. وفي المبحث الثاني درس الباحث التشبيه النبوي باعتباره علامة منضوية داخل النصوص النبوية؛ فقام بتأويل تلك العلامة، وذلك للبحث عن المؤشرات المنطقية؛ لاختيار تلك العلامة دون غيرها من العلامات، بما يحقق الانسجام بين المختلفات في النصوص في سياق التشبيه النبوي. وفي الفصل الثاني، ارتكزت الدراسة على فكرة التأليف من الجملة إلى النّص، فجاء هذا الفصل في ثلاثة مباحث، المبحث الأول: تأليف الجملة، كشف الباحث فيه عن المعاني النبوية الشريفة والمقاصد السامية التي أدت إلى تنوع التأليف في الجملة، سواء كان هذا التأليف ورد على أصل الاستعمال في اللغة، أو التأليف الذي عدل فيه النبي  عن مألوف ذلك الاستعمال. أما المبحث الثاني: تأليف الجمل، وقد درس الباحث فيه تلاحم الجمل النبوية وتآلفها من خلال دلالات الاختيار ومقاصد التأليف لأنظمة الربط والارتباط بين الجمل في اللّغة. أمّا المبحث الثالث: تأليف النّص، بيّن الباحث فيه وسائل وأدوات التماسك النصي التي وردت في أحاديث الدراسة، هذا .. وقد اعتمد الباحث على مستويين من مستويات التماسك النصي، وهما: التماسك المعجمي، والتماسك الدّلالي. وفي الفصل الثالث، ارتكزت الدراسة على الكشف عن الوظائف السّياقية للتشبيه النبوي المستخلصة من مدونة الدراسة، فجاء هذا الفصل في ثلاثة مباحث، المبحث الأول: وظيفة التزكية، وقد بيّن الباحث فيه الأبعاد التربوية والأخلاقية من سياق التشبيه، أمّا المبحث الثاني: تحدّث الباحث فيه عن الوظيفة الجمالية للتشبيه النبوي من خلال المعايير التي تسهم في إبراز بعده الجمالي، وحضور جانبه الإمتاعي في الخطاب النبوي، أما المبحث الثالث: فتحدث الباحث فيه عن الوظيفة الإقناعية للتشبيه النبوي، وذلك بتقديم تفسيرات حجاجية لصورة التشبيه النبوية، وذلك بالكشف عن الطرق والأدوات الإقناعية التي تساهم في عملية الإذعان والتسليم لدى المتلقي. ومما تجدر الإشارة إليه، أن الدراسة عبر مرحلة التحليل والتطبيق - التي تعد صميم هذه الدراسة- جمعت بين الفكر البلاغي القديم والفكر النّقدي الحديث؛ وذلك لإبراز ثنائية الاختيار والتأليف في سياق التشبيه النبوي. ثم جاءت الخاتمة وذكر الباحث فيها أبرز النتائج التي توصل إليها، مشيرا إلى بعض معالم الجدّة والابتكار في الدراسة. هذا وبالله التوفيق والسّداد.