الدلالة: مهنة وتاريخ

Abstract

إن الأدلاء طائفة فريدة متميزة . تبدو أكثر وضوحاً في تفاعلها مع مجتمعها والمجتمعات الأخرى ضيوف الرحمن من جميع بقاع المعمورة ، فهي تستقبل من الخارج حجاج ومعتمرين وزائرين بكل ما لديهم من عادات وتقاليد وثقافة وحب لهذه الديار المقدسة وتستمد من الداخل ثقافته ومحبة ضيوف الرحمن ، كيف وهم أبناء طيبة الطيبة أبناء الأنصار الذين قال فيهم الله عز وجل : {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [ سورة الحشر : الآية 9 ] فكوّنوا لأنفسهم وظائف تلبي علاقة الإنسان المسلم بهذا البلد الطيب مثوى سيد الخلق أجمعين محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام ، وهم الذين اصطفاهم الله عز وجل من بين سكان هذه المدينة المباركة لخدمة ضيوفه الكرام، فكان لهم شرف المكان والزمان والمهنة. ويُعد تاريخ تأسيس المؤسسة الأهلية للأدلاء بالمدينة المنورة عام 1405هـ امتداداً لاستمرار مهنة لها ارتباطها المقدس ومحفورة في ذاكرة التاريخ ، حيث : • انتقلت بتراثها وتقاليدها وقيمها من جيل إلى جيل . • حافظت على نمائها وأصالتها الأدلاء جيلاً بعد جيل . فهم يستلهمون أساليب التطور والتحديث ، واستجابوا لعراقة المهنة لتواكب تطوير مفهوم الحج والزيارة . ومن خلال عملي في توثيق مهنة الدلالة بالمؤسسة الأهلية للأدلاء بالمدينة المنورة ، ومكانتي كعميد لمجلس إدارة مؤسسة الأدلاء أرى من الضروري الاهتمام بتوثيق هذه المهنة وتوسيع المدارك والآفاق لها ، ولعل المراحل التاريخية التي مرت بها المؤسسة أمر يجب التنويه به ، والمطلوب هو الاستمرار في شرف هذه المهنة وتطويرها نحو الأفضل وحيث لم أجد فيما وقفت عليه بحثاً أو كتاباً يوثّق لهذه المهنة الشريفة ويسجل تاريخ هذه المهنة العريقة ، وأهم الأحداث التاريخية والوقفات التي مرت عليها ، اللهم بعض الكتابات والإشارات لبعض المهتمين بهذه المهنة إلا أنها لم ترقى إلى المطلوب والمأمول وبشكل يوفي هذه المهنة حقها وقدرها . لذا استعنت بالله عز وجل وشرعت في كتابة هذه البحث لعله يساهم في سد فراغ هذه الفجوة، ووجدت من الواجب أن أمضى قدماً في هذه المهمة حتى نصل – بمشيئة الله تعالى - إلى ما نرجوه وما يتمناه الجميع في إعطاء صورة مشرفة عن هذه المهنة وتوثيقها بالشكل الذي يليق بها شرفاً ومكانة . وهذا البحث الجزء الثاني من محاولاتي الجادة في التوثيق المطلوب وفاء وولاء للآباء والأجداد يمتد للأبناء والأحفاد ولكل طائفة الأدلاء ، وخدمة لكل باحث ومتتبع لسيرة ومسيرة هذه الطائفة حيث أن عملها تشريف قبل كونه تكليف .